مراحل التأسيس والبناء الدكتور نائل الزامل
مراحل التأسيس والبناء
الدكتور نائل الزامل
تحديد المفاهيم اولا ثم الاتفاق او الحوار او الصراع عليها.
في مراحل التأسيس والبناء للبلدان التي تعاني من اتجاهات سياسية متباينة وايديولوجيات محتدمة، لا سيما تلك التي تعيش مراحل الديمقراطية التوافقية، تقوم المؤسسات القضائية اوالمنظمات المهنية اوالمؤسسات المجتمعية فضلا عن الجماهير، بمطالبة البرلمانات والقوى السياسية بتحديد اي مفهوم يخلق جدلا في الشارع، من ثم تبدا مراحل الاتفاق او الحوار او الصدام.
غالبا ما يتم المطالبة بتحديد مفهوما يثير جدلا او مشكلة في الشارع، وفي بعض الاحيان يطالب اي سياسيي او حزب حين يطلق مصطلحا ملتبسا بان يوضح مفهومه بشكل رسمي موثق.
في العراق هنالك فوضى المفاهيم تؤدي الى فوضى في السلوك وفي استباحة دماء الشعب ونهب ثروته، وعلى الرغم من ان بعض هذه المصطلحات يبدو بديهيا للبعض لكن الاختلاف في تفسيره يخلق صراعات بلا هوادة.
يسمع الجميع مصطلح الدولة ومصطلح اللادولة، وهنا لا يهمني معنى المصطلح في المعجم، فهو لم يخفف من حدة الصراع ووحشيته، لذا لابد من القوى السياسية كافة ان تحدد بالدقة ما مفهومهم عن الدولة وسلطاتها وما مفهوم اللادولة، فهنالك مجاميع مختلفة تسعى لبناء الدولة ولكن بمفاهيم متناقضة، فالمعجم ليس حلا للصراع مادمنا لا نعرف كيف ينظر الاخرون لهذا المصطلح.
وايضا مفهوم المواطنة والمواطن العراقي، مصطلح على القوى السياسية توضحه بالدقة، وايضا ما هي الطائفة وما هي الطائفية وكل قوى سياسية تُجرم الطائفية عليها ان تحدد بالدقة انواع الجريمة الطائفية وانواع الخطاب الطائفي، وغيرها من المصطلحات والاتهامات التي يطلقها السياسيون العراقيون على بعض او على ابناء الشعب، مما يخلق فتنة كبيرة وصراعا دموي دون تحديد القصد منها.
من ثم على البرلمان اصدار هذه المفاهيم بعد الاتفاق عليها كمصطلحات يقوم عليها العمل السياسي في العراق، وتكون نقاط مشتركة بين الجميع والعمل داخل اطار مفاهيمي واضح، وانهاء مرحلة مطاطية المصطلحات وهلامية المفهوم.
ان مرحلة تجنب ايضاح المفاهيم باتت غير مجدية، اذا كانت القوى السياسية تستخدم التدليس او المراوغة او التقية، لتحتفظ بعدد هائل من اوراق الكراهية لتنشرها بوجه من تريد حسب مصلحتها، فان ايضاح المفاهيم سيوقف الكثير من هذه السلوكيات المشينة.
في حوار ارسطو مع السفسطائيين الذين ينحدر خطابهم من مقدمات كاذبة ثم يتجهون للجدل في كل شيء بلا توقف وبتناقض واضح، كان الرد الاقوى الذي اوقف تلاعبهم، هي جملة ( حددوا مفاهيمكم اولا ثم تكلموا).
ايها الساسة العراقيين المتنفذين، حددوا مفاهيمكم اولا ثم اقتلونا، على اقل تقدير ان تعرفوا انتم ماذا تريدون ومن ثم يعرف الاخرون.